في دراسة حديثة نشرتها مجلة عالمية، رجح الباحثان شيوجي وو وكريستوفر باي وجود نوع جديد من البشر القدماء يُعرف باسم "جولورين" (Homo juluensis)، الذين عاشوا في شرق آسيا قبل أكثر من 100,000 عام. يتميز هذا النوع بدماغ كبير مقارنةً بالبشر القدماء الآخرين في تلك الفترة، بما في ذلك "Homo sapiens".
جاءت تسمية "جولورين"، التي تعني "أشخاص برؤوس كبيرة"، بناءً على الحفريات المكتشفة في الصين، والتي لا يمكن تصنيفها بسهولة ضمن الأنواع المعروفة مثل الإنسان النياندرتالي أو الدنيسوفي. هذه الحفريات تشير إلى وجود خليط من الصفات الجسدية بين مجموعات مختلفة من البشر القدماء الذين عاشوا في نفس المناطق بين 300,000 و50,000 سنة مضت.
في البداية، نُسبت بعض حفريات "الجولورين" إلى الإنسان الدنيسوفي، وهو نوع قديم عاش جنبًا إلى جنب مع البشر المعاصرين وتزاوج معهم في بعض مناطق آسيا. ومع ذلك، كشف تحليل وو وباي عن خصائص فريدة في حفريات الوجه والفك لهذه المجموعة، خاصة في الأسنان، التي لم تُرَ في أي نوع آخر معروف من البشر القدماء.
يمثل اكتشاف "الجولورين" تحديًا جديدًا لفهم التطور البشري، وحتى وقت قريب، كانت جميع الحفريات البشرية القديمة المكتشفة في الصين تُجمع معًا تحت تصنيفات عامة. ولكن مع زيادة عدد الاكتشافات، أصبح واضحًا أن السجل الأحفوري في شرق آسيا أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا.
في العقدين الأخيرين، أظهرت الاكتشافات الأثرية تعقيد شجرة عائلة الإنسان. في عام 2003، اكتُشف "Homo floresiensis"، وهو نوع صغير عاش في إندونيسيا قبل 100,000 عام. وفي عام 2007، عُثر على "Homo luzonensis" في الفلبين، وهو نوع يعود تاريخه إلى 67,000 عام. وفي عام 2010، كشفت التحليلات الجينية عن الدنيسوفيين، الذين عاشوا في آسيا الوسطى.
أما في عام 2021، فقد مُنح نوع جديد من البشر القدماء في الصين اسم "Homo longi". يأتي "الجولورين" الآن ليضيف مزيدًا من التعقيد إلى هذه السجلات، مما يشير إلى أن التطور البشري في آسيا كان مليئًا بالتداخلات بين المجموعات البشرية المختلفة. يُعتبر سجل الحفريات البشرية في آسيا أقل وضوحًا من نظيره في أفريقيا وأوروبا. ويعتقد الباحثون أن تصنيف جميع هذه المجموعات تحت أسماء عامة كان يُبسط الأمور على حساب فهم التعقيد الحقيقي للتطور البشري.
في عام 2023، اكتشف العلماء حفرية بشرية في منطقة هوا لونغ دونغ، الصين، تختلف عن جميع الأنواع البشرية المعروفة، بما في ذلك "الجولورين" و"Homo longi". يشير وو وباي إلى أن هذه الاكتشافات تدفع العلماء إلى إعادة تقييم نماذج التطور البشري التقليدية لتتناسب مع السجل الأحفوري المتزايد. ويبدو أن شجرة عائلة الإنسان مليئة بالفروع المتشابكة والمعقدة التي تتطلب مزيدًا من البحث لفهمها بشكل أعمق.
تعليقات الزوار | اضف تعليق