يوم 30 يناير 1933، حصل أدولف هتلر على منصب المستشار الألماني. ومع صعود الأخير وحصوله على هذا المنصب، شهدت ألمانيا تغييرا جذريا بسياستها الداخلية والخارجية، حيث قطعت البلاد مع الماضي واتجهت لاعتماد سياسة قمعية وعدوانية. إلى ذلك، عي ن أدولف هتلر بهذا المنصب من طرف الرئيس بول فون هيندنبورغ (Paul von Hindenburg) الذي أجبر على القيام بهذا الأمر بسبب تعاظم نفوذ الحزب النازي وهيمنته على الأغلبية بالرايخستاغ (Reichstag). وبحلول يوم 2 أغسطس 1934، فارق الرئيس فون هيندنبورغ الحياة عن عمر ناهز 86 عاما. وعلى إثر ذلك، قام أدولف هتلر بدمج صلاحيات المستشار والرئيس ليصبح بذلك الحاكم المطلق لألمانيا.
نقض النازيين للمعاهدة
ومع صعود النازيين وحصول أدولف هتلر على منصب المستشار، اتجهت الفاتيكان للبحث عن معاهدة مع الحزب النازي لضمان حقوق المسيحيين بالبلاد وتجنب ما حصل بالاتحاد السوفييتي الذي تعرض المسيحيون به للاضطهاد على يد كل من فلاديمير لينين وجوزيف ستالين. يوم 20 يوليو 1933، تمكنت الفاتيكان من التوصل لمعاهدة الرايخكونكوردات (Reichskonkordat) مع الحزب النازي. وبهذه المعاهدة التي وقعت من قبل السكرتير الكاردينالي أوجينيو باتشيلي (Eugenio Pacelli) ونائب المستشار الألماني فرانز فون بابن (Franz Von Papen)، تعهدت ألمانيا بالحفاظ على حقوق الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بألمانيا وعدم التعرض للمسيحيين الكاثوليك أثناء أدائهم لشعائرهم الدينية.
أيضا، نصت المعاهدة على أداء الأساقفة لقسم الولاء للرئيس الألماني، كما فرضت على جميع رجال الدين عدم الانتماء لأي حزب سياسي وعدم التدخل بالشؤون السياسية لألمانيا والحفاظ على موقف الحياد بجميع القضايا. وبحلول شهر سبتمبر 1933، دخلت هذه المعاهدة حيز التنفيذ مثيرة بذلك ارتياح البابا بيوس الحادي عشر (Pius XI) الذي عب ر عن رضاه لسير الأمور بشكل جيد وبلوغ مفاهمة قانونية مع الجانب الألماني. إلى ذلك، لم يدم تطبيق هذه المعاهدة طويلا، فمع رحيل بول فون هيندنبورغ، اتجه النازيون لانتهاك هذه المعاهدة بأكثر من مناسبة مثيرين بذلك غضب البابا الذي لم يتردد بحلول سنة 1937 في نشر رسالة لإدانة الانتهاكات والممارسات النازية بألمانيا ضد الكاثوليك.
وبداية من ليلة السكاكين الطويلة ما بين 30 يونيو و2 يوليو 1934 التي هاجم خلالها النازيون حلفاءهم بكتيبة العاصفة والممتلكات اليهودية، تعرض عدد من مسؤولي الجمعية الكاثوليكية الألمانية للضرب والقتل. من جهة ثانية، عمد أدولف هتلر لتضييق الخناق على القساوسة كما لم تتردد الشرطة الألمانية وفرق الغيستابو (Gestapo) في اعتقال العديد منهم منتهكة بذلك ما جاء سابقا بمعاهدة الرايخكونكوردات. ومع تواصل الانتهاكات النازية بحق الكاثوليكيين، اجتمع البابا بيوس الحادي عشر سنة 1937 بعدد من كبار القساوسة الكاثوليكيين والمسؤولين الدينيين الألمان للتشاور حول إصدار رسالة بابوية لإدانة الانتهاكات النازية وممارسات أدولف هتلر.
تعليقات الزوار | اضف تعليق
إلى ذلك، أصدر البابا بيوس الحادي عشر رسالته، باللغة الألمانية، التي أدان بها أسطورة الدين والعرق التي جاء بها النازيون، كما ندد بسياسة العرق الآري والتمييز على أساس العرق بألمانيا، وتحدث عن إرساء نوع من الوثنية الجديدة بها. أيضا، انتقد البابا تنكر النازيين لما جاء بمعاهدة العام 1933 وتواصل الانتهاكات بحق المسيحيين. تمت طباعة رسالة البابا بإيطاليا يوم 10 مارس 1937. لاحقا، تم نقلها عبر البريد الخاص نحو القساوسة الألمان الذين تكفلوا بدورهم بعملية توزيعها على الرهبان. ويوم أحد الشعانين الموافق ليوم 21 مارس 1937 حينها، قرئت رسالة البابا على الحاضرين بكنائس ألمانيا. أثارت هذه الحادثة غضب القائد النازي أدولف هتلر الذي أمر باتخاذ تدابير ضد الرهبان المسيحيين. وبموجب ذلك، عمدت قوات الغيستابو لدخول الكنائس بهدف جمع نسخ رسالة البابا. وفي الآن ذاته، دعا هتلر لاستئناف محاكمة عدد من القساوسة المتهمين بمعاداة ألمانيا. وبحلول ديسمبر 1937، أغلقت السلطات الألمانية أكثر من 80 مؤسسة تربوية كاثوليكية، كما استولت على كميات هامة من التبرعات المخصصة للكنائس. من جهة ثانية، شهد العام 1937 اعتقال ما يزيد عن 1100 راهب مسيحي أرسل نحو 300 منهم نحو مسكر الاعتقال بداشو (Dachau).